الإسلام
لم يهمل هذا الجانب من جوانب الحياة، الذي قد يحسبه بعض الناس أبعد ما
يكون عن الدين واهتماماته، بل قد يتوهم بعض الناس أنه ينظر إلى " الجنس "
وما يتصل به على أنه " رجس من عمل الشيطان " وأن نظرة الإسلام إلى الجنس
كنظرة الرهبانية إليه.
والواقع أن الإسلام قد عني بهذا الجانب الفطري من حياة الإنسان، ووضع فيه
من القواعد والأحكام والتوجيهات ما يضمن أداءه لوظيفته، في غير غلو ولا
كبت ولا انحراف.
وحسبنا ما جاء في سورة البقرة حول هذا الموضوع في قوله تعالى: (يسألونك عن
المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا
تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين.
نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا
أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين). (البقرة: 222، 223).
وقد حفلت كتب التفسير والحديث والفقه والآداب وغيرها بالكثير مما يتصل
بهذا الجانب، ولم ير علماء المسلمين أي بأس في الحديث عن هذا الموضوع ما
دام في إطار العلم والتعليم، وقد شاع بين المسلمين كافة هذا القول: لا
حياء في الدين، أي في تعلمه وتعليمه، أيًا كان موضوعه.
والإسلام قد جاء لكل الأجناس، ولكل الطبقات، ولكل البيئات، ولكل العصور
ولكل الأحوال، فلا ينبغي أن تتحكم في فقهه وفتاويه وتوجيه أحكامه أذواق أو
تقاليد أقوام معينين، في بيئة معينة، كبيئة المسلمين العرب أو الشرقيين،
فنحجر بذلك ما وسع الله، ونعسر ما يسر الدين، ونمنع الناس مما لم يمنعهم
الشرع منه، بنصوصه الثوابت المحكمات.. ومن هنا أطالب الأخوة الغيورين
الذين يسارعون إلى الإفتاء بالمنع والتحريم فيما لم يألفوه، أو تستشنعه
أنفسهم بحكم نشأتهم وتربيتهم الخاصة، أن يتبينوا ويتثبتوا قبل الجزم
بالحكم، وخصوصًا عند الإيجاب أو التحريم، وألا يأخذوا الأحكام من كتب
الوعظ والرقائق، ولا من ألسنة أهل الوعظ والترغيب والترهيب، فكثيرًا ما
ينقصها التحقيق والتدقيق، وقلما تخلوا من التهويل والمبالغات إلا من رحم
ربك.